البيداغوجيا بواسطة الأهداف

استلهمت البيداغوجيا بواسطة الأهداف مرتكزاتها الأساسية من النظرية السلوكية التي وضع أسسها "واتسون Watson" في بداية القرن العشرين.
وقد وجدت مجال تطبيقها في الصناعة، خاصة صناعة السيارات (1920)، قبل أن تنتقل إلى التربية عبر التعليم المبرمج (Skinner 104)، ثم البيداغوجيا بواسطة الأهداف بفضل "تايلر Tyler" في أمريكا أولا، ثم أوربا انطلاقا من سبعينيات القرن الماضي.
تسعى البيداغوجيا بواسطة الاهداف إلى عقلنة الفعل التربوي للرفع من مردوديته، وذلك بإخضاع التكوين لأهداف دقيقة تترجم انتظارات المجتمع من التربية ويعبر عنها التلميذ خلال كل وحدة تعليمية تعلمية بإنجازات تتمثل في سلوكات ومهارات قابلة للملاحظة والقياس.
بيداغوجيا الأهداف
نميز عادة في تحديد الأهداف التربوية بين أربعة مستويات:
1- الغايات Fins, Finalités: وهو أعلى مستوى تحدد فيه الدولة بصفتها ممثلة للمجتمع أهداف التربية، وتعبر عن ذلك بجمل عامة في شكل نيات يراد تحقيقها على المدى البعيد.
2- الأغراض Buts: تشتق مباشرة من الغايات. وهي تدخل في المشروع البيداغوجي معنى النتيجة المطلوب تحقيقها على المدى المتوسط. وعلى أساسها تقوم السلطات التربوية بترجمة الغايات عن طريق هندسة المنظومة في الأسلاك التعليمية ووضع البرامج وإصدار التوجيهات التربوية المحددة للطرائق والوسائل التعليمية، وإرساء نظام التقويم وبرامج تكوين المدرسين، ويدخل في هذا الإطار الاستعانة بالعلوم الداعمة كالإبستمولوجيا والديداكتيك.
3- الأهداف العامة Objectifs: وهي بمثابة إعلان عن مقصد بيداغوجي يشتق من الأغراض، ويصف النتيجة الفعلية التي ستحقق عند التلميذ من خلال جزء من برنامج داخل فترة زمنية محددة.
4- الأهداف الإجرائية Objectifs opérationnels: وهي مرتبطة بعمل المدرس مع تلامذته: إذ يستقيها من الأهداف العامة، وهي عبارة عن معارف وسلوكات ومهارات يكون المتعلم قادرا على إنجازها بعد مقطع من المقاطع البيداغوجية. ويعمل المدرس على توفير الظروف وتعبئة المعينات من أجل تحقيقها والتأكد عن طريق التقويم من اكتسابها من طرف التلميذ واتخاذ إجراءات قصد التصحيح والتعديل إن اقتضى الحال.
ويخضع تحديد الأهداف الإجرائية لخمس مؤشرات دقيقة هي:
- من الذي سينجز السلوك المحدد؟
- ما هو السلوك الملاحظ الذي سيبرهن على تحقق الهدف؟
- ما هو نتاج هذا السلوك (الإنجاز)؟
- في أية شروط يتحقق هذ السلوط؟
- ما هي المعايير التي يمكن أن تعتمد لتحديد ما إذا كان هذا الإنجاز مرض؟
اهتمت الصنافات بترتيب مراقي الأهداف في مختلف المجالات، وذلك من أجل توحيد المصطلحات وتنميط أدوات القياس. وأهم مجالات الصنافات:
أ- المجال المعرفي: وهو المجال الاكثر استثمارا، وأشهر صنافة في هذا المجال تعود إلى "بلوم Bloom 1956" ومساعديه من الباحثين الامريكيين. وهي تنتقل من اكتساب المعرفة وتذكرها ثم الفهم والتطبيق والتحليل والتركيب وتنتهي بالتقويم.
ب- المجال الوجداني: "كراثوول Krathwohl" وترتب فيها الاهداف كالتالي: 1 التقبل 2 الاستجابة 3 التثمين 4 التنظيم: بناء القيم والحكم وتنظيم القيم والتميز بقيمة أو بمنظومة من القيم.
ج- المجال السيكوحركي: "لهارو Harrow" وتنطلق من الحركات الأساسية سواء منها اليدوية أو الجسمية والتعبيرية والاستعدادات الإدراكية والصفات البدنية والمهارات الحركية إلى التواصل غير اللفظي. وهي حركات منظمة ووسيلة لاكتشاف المحيط والتفاعل معه ووسيلة للتفكير والمعرفة.
وشكللت هذه الصنافات وغيرها فرصة لتوحيد التسميات الخاصة بالسلوكات الإنسانية المراد تقويمها وبناء البرامج الدراسية.
تعتبر هذه الصنافات في مرحلة وسطى بين الأهداف العامة والأهداف الإجرائية.
تتعدد الصنافات بالموازاة مع تطور البحث التربوي، وذلك إما لتعديلها أو تدقيقها وإغنائها. ويرى البعض إمكانية إدماج وانصهار المجالات الثلاثة في صنافة واحدة. "سكريفن Scriven" وصنافة "توكمان Tuckman".
مما يؤخذ على البيداغوجيا بواسطة الأهداف أنها:
  • تهتم بالتعلم خارج السوسيوثقافي للمتعلم وتختزله في اكتساب سلوكات محايدة ميكانيكية مجردة.
  • تعتبر المتعلم متلقيا سلبيا يخضع لتةقعات المدرس وينفد تعليماته بدون أن يكون شريكا في التخطيط لما يستفيد منه.
  • لم تعر البيداغوجيا بواسطة الأهداف اهتماما لسيرورة التعلم وتفاعل المتعلم معه.
  • تقوم بتفتيت التعلم إلى وحدات، يفقد التكوين معناه ويجعل الاستفادة منه محدودة.
  • تسقط في نمطية مفرطة قد تحد من ابتكار وإبداع المدرس.
دفاتر التربية والتكوين العدد الثاني
    بيداغوجيات أخرى
    البيداغوجيا بالكفايات La pédagogie par compétences
    البيداغوجيا الفارقية: La pédagogie différencielle
    بيداغوجيا الاكتشاف: La pédagogie de la découverte
    المقاربة التواصلية: L'approche communivative
    البيداغوجيا المؤسسية: La pédagogie institutionnelle

      إرسال تعليق

      أحدث أقدم