النقل الديداكتيكي

النقل الديداكتيكي
يطلق النقل الديداكتيكي عادة على مجموع التحولات التي تطرأ على نظام محدد من المعارف العلمية أو العالمة، بفعل اندراجه داخل منظومة تعليمية معينة. إنه بشكل ما تغير لا يمس هذه الأفكار والتصورات في ذاتها، بل يلحق التنظيم المنهاجي والديداكتيكي الذي يُعطى لها داخل المؤسسة المدرسية. إنه بمعنى ما انتزاع للأفكار والمعارف من سياقها الأصلي (سياق العلم أو ممارسات إنتاج الخطاب العالِم أو الممارسات التقنية الأصلية لإنتاجها)، وإعادة إدراجها داخل سياق آخر، هو السياق المدرسي بالذات.
غير أن ذلك لا يعني أن النقل الديداكتيكي مجرد عملية تقنية، بل هو عملية مركبة وواسعة ترتبط بالمشروع الاجتماعي للتعليم والتكوين. فهو، حسب فيليب بيرونو، تحويل لمعارف مختلفة، أكاديمية وتقنية متخصصة في بعض الفنون والصناعات، ولممارسات وخبرات مهنية مرجعية سائدة اجتماعيا؛ تحويل يتم عبر سلسلة من المستويات المتراتبة، تبتدئ بالمعارف الموجهة للتدريس (وذلك هو مستوى المناهج المعلن عنها رسميا من طرف المؤسسة المدرسيية ومقرراتها وبرامجها)، وتمر عبر المعارف المُدَرَّسةِ فعلا (وذاك هو مستوى المناهج الفعلية التي تمارسها هيئة التدريس)، لتنتهي إلى المعارف المكتسبة (وذاك هو مستوى مجموع التعلمات الفعلية المتحققة لدى التلاميذ).
يكشف النقل الديداكتيكي نمطين ثقافيين لاشتغال المعارف: نمط للإنتاج العلمي أو الأكاديمي أو مرتبط بإطار مرجعي اجتماعي لممارسة تقنيات ومهارات لبناء موضوعات محددة، ونمط آخر مدرسي لإعادة إنتاج ما يبنبه العقل العلمي أو الأكاديمي أو التقني، لأغراض التعليم والتكوين والتعلم. في ارتباط بذلك، يولد النقل الديداكتيكي عمليات معقدة تفصل المعارف والخبرات المتخصصة والممارسات المهنية الاجتماعية، عن الشخص أو الذات التي أنتجتها، لكي تتم إعادة بنائها داخل تصور منهاجي (Conception curruculaire) موجه بغايات وأهداف محددة للتعليم والتعلم، مع منحها هوية مدرسية، وذلك ببرمجتها داخل مقررات ووحدات دراسية تخضع لنظام متدرج ومتنام محكوم بمقتضيات الأنشطة التعليمية وما تتطلبه من تكوين وتقويم، وبإكراهات الزمن والمكان المدرسيين.
نقلا عن دفاتر التربية والتكوين العدد 3

1 تعليقات

  1. التعليمية موضوع جد مهم وخاصة للاساتذة انتم مشكورين على ذلك

    ردحذف
أحدث أقدم