التقويم التربوي: سؤال الماهية والوظيفة

التقويم التربوي وسؤال الماهية والوظيفة
كثيرة هي الأدبيات التربوية التي اشتغلت على حقل التقويم عامة والتقويم التربوي خاصة، وفصلت فيه الشيء الكثير من الزاويتين النظرية والتطبيقية. غير أنه يظل مجالا للتطور السريع مع التطورات المتسارعة التي تشهدها الحقول المعرفية، بما فيها الحقل البيداغوجي والتربوي، لما يعرفه من مستجدات تتساوق والقضايا التي تعيشها منظومات التربية والتكوين في العالم بأسره.
والمنظومة التربوية والتكوينية المغربية تعيش نقلة نوعية وكمية في جهازها المفاهيمي وفي جهازها الأداتي وفي موضوعها ومداخلها الفكرية والعملية، مما يسمح بمسوغات التساؤل عن ماهية التقويم التربوي ووظيفته في النظام التعليمي المغربي: هل التقويم التربوي الممارس في المدرسة المغربية هو تقويم بالمفهوم العلمي، أم مجرد اختبارات وامتحانات؟ وما وظيفته؟ وهل بمفهومه العلمي مفعل ومستوعب لدى مجموع مكونات المنظومة التربوية والتكوينية؟ وإلى أي حد يساهم في تجليات الواقع التعليمي ومعالجته وتطويره؟ كلها أسئلة قابلة للطرح من خلال سؤال الماهية والوظيفة، لتشريح واقع التقويم في المدرسة المغربية. وقبل الإجابة عنها، لا بد من البحث في ماهية التقويم ووظيفته.

1- ماهية التقويم التربوي

قبل التعرض لماهية التقويم التربوي، لا بد من الإشارة إلى أنه لا حديث عن الفعل التعليمي التعلمي دون الحديث عن التقويم التربوي، الذي يلعب دورا فعالا ومؤثرا في توجيه عمليتي التعليم والتعلم وإثرائهما. فعملية التقويم وثيقة الارتباط بهاتين العمليتين؛ فهي تؤثر فيهما وتتأثر بهما في إطار المنظومة التعليمية المتكاملة. لذا، فالتقويم إجراء أساسي في كل منظومة تربوية وتكوينية. فما معني التقويم؟
التقويم لغة من (ق و م)، وهو مصدر له من المعاني المعجمية الكثير؛ نأخذ منها التقويم الزمني، ويعني: مجموعة قواعد التوفيق بين السنة المدنية والسنة الاستوائية، وتقسيم الأزمنة. ومنها أيضا إزالة الاعوجاج والتعديل؛ والتقويم مشتق من مزيد فعل (قام) أي قوم الشيء.
أما خلاصة معني المدخل المعجمي للتقويم التربوي، فتدل على التوفيق بين الحالة الواقعية والحالة المستهدفة من خلال تقويم سيرورة الفعل بينهما والرفع من جودتها الأذاتية. كما تتضمن تولي أمر العملية التعليمية التعلمية من خلال الكشف عنها وإزالة اعوجاجها وتعزيز إيجابياتها فضلا عن انتصاب أمرها. يمكن استكشاف ذلك عبر التحديدات الاصطلاحية التالية التي أعطيت للتقويم:
  • مجموعة من الإجراءات والعمليات المستعملة لأدوات من طرف شخص تكلف بتعليم فئات معينة أو شخص آخر أو المتعلم ذاته، والتي تكون مبنية تمكن المستهدف بالتقويم من أداء مهام أو الجواب عن أسئلة أو تنفيذ إنجازات يمكن فحصها من قياس درجة تنفيذها وإصدار الحكم عليها وعلى منفذها واتخاذ قرار يخصه أو يخص عملية تعلمية ذاتها.
  • حكم وصفي أو كمي حول قيمة شخص أو موضوع أو عمليات أو وضعية أو تنظيم عن طريق مقارنة الخصائص الملحوظة مع معايير معدة انطلاقا من معايير واضحة، وذلك قصد تقديم معطيات مفيدة في اتخاذ قرارات حول متابعة الأهداف. والتقويم كذلك عملية جمع ومعالجة لمعلومات كيفية أو كمية ترمي إلى تقدير مستوى التعليم الذي يبلغه الشخص بالنسبة لأهداف معينة، وذلك قصد الحكم على المراحل التي أنجزت سابقا، واتخاذ القرارات بالنسبة للخطوات اللاحقة.
  • يشمل التقويم التربوي العمليات التي نستطيع أن نتعرف بواسطتها على مدى تحقيق الأهداف التربوية لفترة زمنية، أو منهاج تعليمي معين، فتاعرف على ما تم تحقيقه وما لم يتم.
  • التقويم هو السيرورة التي تهدف إلى تقدير الحكم على وضعية تلميذ من حيث بعض جوانب نموه من أجل اتخاذ أفضل القرارات الممكنة النتعلقة بمساره المستقبلي.
  • التقويم عملية منهجية منظمة لجمع البيانات وتفسير الأدلة بما يؤدي إلى إصدار أحكام تتعلق بالطلاب أو البرامج، مما يساعد في توجيه العمل التربوي واتخاذ الإجراءات المناسبة في ضوء ذلك.
  • من الناحية الإجرائية يمكن تحديد التقويم في مستويين:
مستوى المنظومة التربوية التكوينية في شموليتها، حيث يتحدد بمجموع الخطط والإجراءات العملية التي تكشف عن ناتج السيرورة التربوية والتكوينية في مجملها قياسا بالمستهدف من المنظومة التربوية والتكوينية مقارنة مع وضعية الانطلاق لأجل اتخاذ القرارات المناسبة في التعزيز والدعم والتعديل والمراجعة طلبا لجودة الأداء التربوي والتكويني وناتجه.
يتطلب هذا التعريف تخطيطا وهندسة وإجراءات عملية كاشفة عن ناتج السيرورة التربوية والتكوينية؛ كما يسمح بقياس النتائج مع الاهداف، أي يقيس الفارق بين وضعية الانطلاق والوضعية المستهدفة. في هذا السياق، يسمح التقويم باتخاذ القرارات المناسبة لأجل تعزيز النتائج أو دعمها أو معالجتها أو مراجعتها أو تطويرها، ويستهدف بالتالي جودة الفعل التربوي والتكويني وناتجه. من جهة أخرى، يشتغل التقويم هنا على المنظومة التربوية والتكوينية كلية ويشمل مختلف مكوناتها بدءا بالتخطيط وانتهاء بالنتائج والحصيلة، مرورا بالتنفيذ؛ كما يسمح بالتغذية الراجعة الشاملة.
مستوى الممارسة البيداغوجية، حيث يتحدد التقويم بمجموع الإجراءات التي يمارسها المعلم اتجاه وضعية تعليمية تعلمية لاتخاذ قرارات في شأنها. ويقوم هذا التعريف على اعتبار التقويم مجموع إجراءات مختلفة ومتنوعة في النوع والكم، يمارسها المعلم المقوم، بغاية اتخاذ قرار في شأن موضوع التقويم.
وبهذا، فإن التقويم تخطيط وفعل تبنى عليه التغذية الراجعة. كما يتطلب قبل اتخاذ القرار تفسير النتائج وتحليلها واستخراج القوانين العامة منها عند تكرارها ظواهر حاصلة في نتائج التقويم.
والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو: أي تصور للتقويم أخذت به المنظومة التربوية والتكوينية بالمغرب؟ لكي نجيب عن هذا السؤال، من المفروض أن نستقرئ تاريخ الأدبيات التربوية والتكوينية المغربية الرسمية. غير أننا سنكتفي بتحليل الوثائق الرسمية لوزارة التربية الوطنية. تفيد مصوغة تكوين أساتذة التعليم الابتدائي في بيداغوجيا الإدماج أن التقويم هو: عملية جمع المعلومات من منتوج، قصد فحص درجة توافقها مع مجموعة من المعايير والمؤشرات بهدف اتخاذ قرار. وهو تعريف ينحصر في الفعل التعليمي التعلمي دون أن يكون شاملا لحقل التقويم بكامله. غير أن وزارة التربية الوطنية ستتبنى مفهوم التقويم الشامل في ظل البرنامج الاستعجالي، لأنها نهجت التدبير بالنتائج والتتيع. ولعل التقويمات التي أجرتها في الموسم 2009- 2010 تندرج ضمن التقويم بمفهومه الشامل، ولو لم تتبعه تغذية راجعة على مستوى الاستدراك الميداني، ولا سيما بخصوص جيل مدرسة النجاح أو السنة الثالثة إعدادي أو البكالوريا علما بأن التقويم الشامل يسمح للوزراة بأن تجعل ما تقوم به من تدابير وإجراءات موضوع تقويم ذاتي.

 2- وظائف التقويم

للتقويم بمفهومه الاصطلاحي أو الإجرائي عدة وظائف، تعددت بتعدد استخدامه، نذكر منها:
  • وظيفة تقويم عائد التحصيل الدراسي، وفيها يتم رصد المعارف والقدرات التي يكتسبها التلميذ، وتقييم أوجه التقدم التي يحققها في تحصيله الدراسي، منسوبة إلى مستواه الشخصي، وتحديد مستوى نتائجه في لحظة معينة، وذلك بالمقارنة مع:
- مستوى نتائج الصف الدراسي أو المجموعة التي يعمل معها.
- مستوى نتائج الصفوف الدراسية الموازية للصف الدراسي للتلميذ والموجودة في نفس المدرسة.
- مستوى نتائج الصفوف الدرسية الموازية للصف الدراسي للتلميذ والموجودة في مدارس أخرى، قد توجد مثلا في مناطق أو أقاليم مختلفة أو تخدم فئات اجتماعية مختلفة (مناطق ريفية، مناطق حضرية، فئات اجتماعية).
  • وظيفة تشخيصية، وفيها يتم التحقق من جوانب المضامين التي لا يستوعبها التلميذ أو يجد صعوبة في استيعابها، أو التحقق من القدرات التي لا يتمكن من امتلاك ناصيتها بقدر كاف، حتى يتاح بذلك دعم أشكال التعلم ذات الصلة.
كما يتم تحديد الأسباب التي تجعل تلميذا ما أو مجموعة تلاميذ يلاقون صعوبات محددة في مجال دراسي معين، والتوصل إلى تفسير أسباب هذه الصعوبات.
وظيفة تقديرية، وفيها يتم التحقق مما إذا كان التلميذ حسن التكيف مع المستوى المدرسي الذي هو فيه ومما إذا كان بإمكانه أن يتابع مرحلة لاحقة بنجاح، وتقييم قدرات التلميذ الفكرية ومعارفه من أجل الانتقال إلى مستوى أعلى لمادة دراسية معينة أو الانتقال إلى مرحلة دراسية أعلى.
كما حصر كورني Quernet.J وظائف التقويم في ستة أساسية هي: الوظيفة التشخيصية، والوظيفة التوقعية، والوظيفة الضبطية، والوظفية التواصلية. وكل وظيفة تحقق تقويما ثلاثيا: تقويم أولي، وتطوري، ونهائي، وذلك عبر مسالك وأداءات إجرائية معينة. وهناك من ألح على ثلاث أدوار للتقويم هي: الدور البنائي التتبعي، والدور التشخيصي العلاجي، والدور الختامي التجميعي.
أما بالنسبة للنصوص الوزارية، فإن وظائف التقويم في المدرسة تتحدد في:
الوظيفة التوجيهية: وتطابق التقويم التشخيصي، الذي ينجز قبل بداية التعلم، ويهتم برصد استعدادت المتعلمين ومؤهلاتهم.
الوظيفة التعديلية: وتطابق التقويم التكويني الذي ينجز أثناء التعلم ويعتمد البحث عن الخلل من أجل معالجته.
الوظيفة الإشهادية: وتخص التقويم الإجمالي الذي يتم في آخر أشواط التعلم ليسلط الضوء على مواطن القوة لدى المتعلم.

3- مجالات التقويم

تختلف مجالات التقويم باختلاف مواضيعها، وتهم المجال المعرفي والمجال الوجداني والمجال السيكوحركي والمجال القيمي من شخصية المتعلم. غير أن التقويم حسب وظائفه المؤسسية يستهدف المواضيع التالية:
  • استعدادات ومؤهلات المتعلمات والمتعلمين.
  •  الاختلال.
  • مواطن القوة عند المتعلم.
  • كما يستهدف التقويم حسب المذكرة 74 بتاريخ 9 أبريل 2010، الموارد والكفايات. والواقع أن التقويم الإشهادي ينبغي أن يستهدف الكفايات الأساسية فقط دون الموارد، لأنه لا بناء للكفايات دون موارد، كما أنه لا إدماج لمن يفتقر إلى الموارد وفق السائد في الأدبيات التربوية.

4- أنماط التقويم

يمكن تحديد أنماط التقويم بناء على معايير محددة مثل جنس التقويم أو نوعه والزمن والوظيفة والجهة؛ وإذا اكتفينا بجرد بعض هذه الأنماط، خصوصا على مستوى النوع والسيرورة الزمنية، فيمكن حصرها في ثلاثة أشكال، هي:
  • التقويم المعياري: ويتمثل في ترتيب المتعلمين ترتيبا تصاعديا أو تنازليا حسب نتائجهم؛ وهو تقليدي وبسيط ويستخدم امتحانات شفهية أو كتابية أو اختبارات أو استبيانات.
  • تقويم الإعداد: ويخص التحقق من مدى قدرة المتعلم على معالجة صعوبات العمل المنوط به، أي اكتساب الكفاية. وله وظيفة تشخيصية.
  • تقويم تكويني بنائي: ينجز أثناء التعلم ويعتمد البحث عن الخلل من أجل معالجته كما رأينا سابقا.
  • تقويم إجمالي: ويهم الحصول على بيانات إجمالية عن حصيلة مقرر أو فصل أو سنة دراسية، ويتم بواسطة امتحانات واختبارات، ويتم تواصل نتائجها مع الآباء وأولياء الأمور.

5- أسس التقويم

 هناك العديد من الأسس التي يقوم عليها التقويم، وتتنوع بتنوع المجال الذي يمارس فيه؛ ويمكن إجمالا حصر أهم هذه الأسس فيما يلي:
  • أن ينصب على القدرات والكفايات المستهدفة؛ ويجب أن نربطه في المدرسة المغربية بالكفايات المرحلية والأساسية. إلا أن النصوص المؤسسية الرسمية ربطته بالموارد والكفايات.
  • أن يغطي مداخل الكفاية من معرفة وقيم وسلوك وخبرة وقدرات واتجاهات إلخ. وهذا التفصيل جعل المشرع المدرسي المغربي يأخذ بتقويم الموارد. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن تقويم الكفاية لا بد أن يرتكز على بنائها على مداخلها حتى يتسنى تغطيتها.
  • أن يساير الفعل التعلمي، بدءا بالتخطيط حتى التنفيذ والتقويم، بمعنى أن يغطي مراحل الفعل التعليمي التعلمي وأشكاله وتفاصيله. وهو ما ذهبت إليه المذكرة 74 سالفة الذكر.
  • أن يتسم بالخصائص المتعارف عليها في التقويم من صدق وثبات وموضوعية والشمولية. وهذا، ما حاولت بيداغوجيا الإدماج أن تمارسه حين ركزت على شبكات التحقق وشبكات التصحيح، وعلى المعايير والمؤشرات. ويجب الإشارة إلى أن الصدق يكون بقياس ملاءمة أداة التقويم مع ما وضعت من أجل قياسه، أي أن تقيس موضوع التقويم الذي صممت من أجله. كما أن الثبات يعني: أن نتيجة التقويم تكون نفسها عندما نطبقه على مجموعات متكافئة. في حين تعني الموضوعية انتفاء ذاتية المقوم عن نتائج التقويم، أي عدم تأثر النتائج بذاتية المقوم. وهذا ما ذهبت إليه بيداغوجيا الإدماج عندما أخذت بالمعايير والمؤشرات. ويمكن هنا التذكير بأن مسألة الموضوعية نسبية ومفتوحة في العلوم الإنسانية. أما الشمولية، فتتحقق بتقدير التقويم مستهدفه على نحو الشمول والكمال، بمعنى المثالية في المستهدف من الكفايات. وأجد هذا في التقويم الذي ذهبت إليه بيداغوجيا الإدماج باعتبارها للمعايير بما هي (صفات المنتوج المنتظر)، التي يتم تحديدها عند صياغة الكفاية، وتتصف بكونها: عامة، من قبيل المثالية.
  • أن يستحضر التقويم الفروق الفردية بين المتعلمين خاصة في ظل المقاربة بالكفايات بمدخلها المنهجي المتعلق ببيداغوجيا الإدماج التي تستدعي لنفسها الإنصاف بين المتعلمين والمتعلمات.
  • أن يكون التقويم ديمقراطيا، بمعنى أن يتيح للمتعلمات والمتعلمين تقويم أنفسهم بأنفسهم مع ضمان العدل بينهم، وضمان مشاركتهم في تحديد معايير الأداء. وهذا ما يستهدفه التقويم في بيداغوجيا الإدماج من خلال شبكات التحقق حيث يقف المتعلم على منتوجه التعلمي بنفسه ويقومه وفق شبكة التحقق، فيتربى على التقويم الذاتي وتنغرس فيه ثقافته وقيمته.
وتبقى هناك أسس أخرى تراجع في أصولها الوثائقية مع الإشارة إلى أن التفصيلات الدقيقة في شأنه تكون في غالبها الأعم حول أدوات التقويم ومجاله والمستهدف به ومنه وشروطه.

6- أدوات التقويم

 بما أن التقويم يمارس في مجالات مختلفة ومتنوعة، فإن أدواته تتنوع حسب مجالاته وغاياته. فمنها ما هو متداول في الساحة ، وما يمكن اختراعه ووضعه وفق متطلبات ومواصفات مجال التقويم وأهدافه، واستخدامه في التطور الشخصي والاجتماعي والتحصيلي والأدائي للمتعلم. ويمكن هنا الإشارة باقتضاب إلى أسماء بعضها فيما يلي:
  • الملاحظة، والمقصود بها الملاحظة العلمية لا العابرة والعفوية، المشروطة بأدواتها ومناهجها.
  • المناقشة، حيث يناقش المقوم وفق مؤشرات معينة تسمح بتبين دلالة التقويم.
  • المقابلة، وفق المتعارف عليه في أدبياتها.
  • البطاقة المدرسية المحصلة بالتتبع والدراسة وفق بنود معينة.
  • الاختبارات الشفهية.
  • الاختبارات الكتابية، ومنها: اختبار الأجوبة القصيرة، واختبار المقال، واختبار التكملة، واختبار الرديف الثنائي، واختبار الرديف المتعدد، واختبار المزاوجة، واختبار الاختيار من متعدد، واختبار التحرير الداخلي، واختبار التحرير الخارجي، واختبار الذات. وهي كلها مفصلة أدبياتها في مصادر ومراجع التقويم خاصة والإحصاء ومناهج البحث والقياس.
خاتمة:
بعد هذه الإطلالة الوجيزة جدا والمركزة عن التقويم ووظيفته وأساليبه، يمكن أن نستقرئ التقويم في المدرسة المغربية لكي نجيب عن أسئلة الولوج. ففي المدرسة المغربية يمارس التقويم بمفهوم ضيق مرادف في أغلب الأحيان للاختبار الذي يستهدف المعارف في الأغلب الأعم، ويركز عليها دون أن يضمن أسسه ومواصفاته. غير أني أجد نقلة نوعية في التقويم مع بيداغوجيا الإدماج، التي ستنقله، أولا، من التمركز حول ذات المقَوم إلى التمركز حول الموضوع المقوَّم، وهو في النهاية المتعلم من خلال المفايات؛ مما سيضمن موضوعية التقويم. كما ستنقله، ثانيا، إلى التقويم الذاتي، وستضمن له الشمولية بشمولية الكفاية ومعاييرها والصدق بممارسته على مجموعات متكافئة من المتعلمين عبر التراب الوطني. وستنقله، ثالثا، من تقويم ضيق المفهوم إلى تقويم عام وشامل يعتمد على أدوات علمية تسمح بتفسير النتائج وقراءتها في ظل معطياتها وآفاقها.
كما أن التقويم داخل إطار هذه البيداغوجيا يسمح بالكشف عن الواقع التعليمي التعلمي داخل المؤسسات التعليمية، سواءتعلق الأمر بالتخطيط أو التنفيذ أو التقويم؛ ذلك أن الاشتغال بأدوات عملية ومعقلنة ومضبوطة يعفي من السقوط في الارتجال والتخبط. وليس المقام هنا مقام تفصيل المقال، فالإشارة كافية عن التفاصيل. ولكن قولي هذا قول ينطلق من مبادئ وأسس التقويم الواردة في بيداغوجيا الإدماج. أما كيفية تصريفها ميدانيا فشيء آخر لا بد أن تعترضه الصعوبات والإكراهات والاجتهادات التي قد تحيد به عن مداخله النظرية والتطبيقية. وتبقى الإشارة واجبة هنا إلى مؤشرات الانتقال النوعي في مفهوم التقويم ووظيفته وأدواته وأسسه قوية وجلية من خلال مصوغة التكوين في بيداغوجيا الإدماج، وهي الأطار المنهجي لتصريف المنهاج في المدرسة المغربية. ويبقى علينا الإيمان بأن النقلة النوعية جديرة باحتضانها ومناقشتها ودراستها ونقدها من أجل تطويرها وتحسينها مقابل نشر الوعي بها وتشرب ثقافتها بيننا. فهي ستسمح بمعالجة الكثير من المشاكل المتعلقة بالتقويم في المدرسة المغربية
نقلا عن عبد العزيز قريش، دفاتر التربية والتكوين العدد 4

إرسال تعليق

أحدث أقدم