البيداغوجيا الفارقية

يفيد المدلول العام للبيداغوجيا الفارقية تنويع الوسائل والطرق والأوضاع التعليمية بالشكل الذي يسمح لكل تلميذ بالتعلم في الظروف التي تلائم بشكل أفضل إمكاناته الفكرية وقدراته العقلية وأسلوبه الخاص في التعلم. والبيداغوجيا الفارقية بهذا المعنى بيداغوجية فردانية، تعتبر المتعلم شخصا له رغبات وميولات خاصة، وتؤمن بقدرته على التعلم وفق وتيرته وطريقته الخاصتين.
البيداغوجية الفارقية
تستمد البيداغوجيا الفارقية أسسها الفلسفية والنظرية من المرجعيات التالية:
- التيارات التربوية الحديثة كتلك التي يتزعمها "روجي كوزيني" و"سيلستين فريني" و"فرناند أوري" التي وضعت أسس البيداغوجيا المتمركزة حول المتعلم ونصت على ضرورة أخذ اهتمامات هذا الأخير ورغباته بعين الاعتبار.
- بعض نظريات التعلم التي أثبتت أن المتعلمين لا يتعلمون كلهم بنفس الطريقة، وأن لكل واحد منهم أسلوبه واستراتيجيته وإيقاعه الخاص في التعلم، وأن هذا الأخير لا يتم فعلا إلا إذا أعطيت للمتعلم فرصة المشاركة بشكل فعال في بناء تعلماته وإعطاء معنى لها.
وتهدف البيداغوجيا الفارقية إلى:
- توفير فرص التعلم نفسها لكل تلاميذ الفصل الواحد رغم ما يوجد بينهم من تفاوت في القدرات والمكتسبات والإمكانات الفكرية، ورغم اختلاف خصائصهم المعرفية والنفسية والسوسيوثقافية.
- التغلب على الصعوبات التربوية والبيداغوجيه الناتجة عن الفوارق الموجودة بين المتعلمين الذين يتكون منهم الفصل الدراسي الواحد من حيث حاجاتهم وميولاتهم ودرجة نموهم الحركي والمعرفي والعاطفي.
- الارتقاء بالعلاقة التربوية داخل الفصل الدراسي، وتنمية روح الاستقلالية لدى المتعلمين وتشجيعهم على التعلم الذاتي.
ومن أهم منطلقات البيداغوجيا الفارقية:
- لا توجد طريقة مثلى واحدة للتدريس: فقد تلائح طريقة معينة أسلوب تعلم شريحة معينة من المتعلمين دون أن تستجيب بالضرورة لحاجات شرائح أخرى. لذلك تتباين النتائج التي تعطيها الطرق التعليمية المختلفة تبعا لخصائص المتعلمين وطبيعة المواد المدرسة وغيرها من متغيرات الوضعية التعليمية/ التعلمية. يتعين على المدرس، إذن، أن ينفتح على كل الطرق التربوية وعلى كل المقاربات البيداغوجية واختيار الأنسب منها لكل وضعية تعليمية خاصة.
- إن الصعوبات التي يعاني منها بعض التلاميذ في التعلم لا تعود إلى قصورهم الذهني أو المعرفي بقدر ما تعود إلى عدم اعتبار أسلوبهم وطريقتهم الخاصين في التعلم أثناء عملية التدريس. ويمكن التغلب على تلك الصعوبات بتركيز العملية التعليمية على التلميذ، وتكييف الطرق التعليمية مع الكيفية الخاصة التي يعالج بها ما يتلقاه من معلومات، ومع الأدوات والاستراتيجيات التي يستخدمها في التعلم.
يقتضي تطبيق البيداغوجيا الفارقية إخضاع التلاميذ لاختبارات أولية قصد التعرف على مستوى كل واحد منهم وحاجاته، ثم العمل، بعد ذلك على اتخاذ التدابير التربوية الكفيلة بالاستجابة لتلك الحاجات.
يمكن أن تتخذ تلك التدابير أشكالا متعددة من أهمها ما يلي:
- تكوين أقسام للملاحظة.
- تكوين ما يعرف بأقسام المستوى أو جماعات الحاجة إلخ.
- تنظيم حصص للدعم لفائدة بعض التلاميذ الذين يواجهون صعوبات دراسية خاصة، وإن كانت البيداغوجيا الفارقية تهتم بجميع التلاميذ، المتفوقين منهم وغير المتفوقين.
ورغم الانتقادات التي تعرضت لها البيداغوجيا الفارقية والصعوبات العملية التي تعترض تطبيقها، فإنها تظل أفضل سبيل لتحقيق تكافؤ الفرص التعليمية والحد من الفشل والهدر المدرسيين.
دفاتر التربية والتكوين العدد 2
بيداغوجيات أخرى
 البيداغوجيا بواسطة الأهداف: La pédagogie par objectifs
البيداغوجيا بالكفايات La pédagogie par compétences
بيداغوجيا الاكتشاف: La pédagogie de la découverte
المقاربة التواصلية: L'approche communivative
البيداغوجيا المؤسسية: La pédagogie institutionnelle

إرسال تعليق

أحدث أقدم