مفهوم النقل الديداكتيكي ومراحل إجرائه

يكتسي مفهوم النقل الديداكتيكي la transposition didactique أهمية إجرائية بالغة في حقل ديداكتيك العلوم. ويعد إيف شوفلارد وماري ألبيرت جوزيا من الذين سبقوا إلى نحت هذا المفهوم وتطبيقه في تدريس الرياضيات بعد معينة واستقراء التغيرات التي تطرأ على مفهوم المسافة la notion de distance بين لحظتين زمنيتين هما 1906، إذ وقع إدراجه كمعرفة علمية savoir savant من طرف موريس Maurice Fréchet، ثم لحظة 1971، إذ وقع إدراجه في مقرر الهندسة. ويتفق جان بيير أسطولفي وميشيل دوفلاري في كتابهما المسمى ديداكتيك العلوم، مع شوفلارد وجوزيا في القول بأن تحديد واختيار عنصر ما من عناصر المعرفة العلمية كموضوع للتدريس يؤدي إلى تغيير ملحوظ في طبيعة هذا العنصر بقدر ما تتغير الأسئلة التي يمكن من الإجابة عنها، وكذلك شبكة العلاقات التي يقيمها هذا العنصر الجديد القديم مع باقي عناصر المعرفة المدرسية الأخرى.
النقل الديداكتيكي
وهكذا توجد وضعيات إبستيمولوجية مدرسية يمكن تمييزها عن الوضعيات الإبستيمولوجية المعتمدة في المحافل العلمية أو الأكاديمية الجامعية. ويسمي شوفلارد Chevallard yves الانتقال من محتوى معرفي محدد إلى شكل ديداكتيكي، نقلا ديداكتيكيا بالمعنى الضيق، ولكن الدراسة العلمية لسيرورة النقل الديداكتيكي تفرض، في رأيه أن نأخذ في الحسبان النقل الديداكتيكي بالمعنى الواسع.
ينبغي أن ندرك مراحل تقلب المواضيع خلال عملية النقل الديداكتيكي:
- موضوع المعرفة
- الموضوع المعد للتدريس
- موضوع التدريس
إن المعرفة تصير صالحة للتعلم من قبل المتعلمين بعد مرورها بالمراحل التالية:
  •  مرحلة المعرفة العلمية: هي معرفة أكاديمية بحثية تتميز بكونها مفتوحة يصعب على التلاميذ استيعابها لعدم تناسبها مع بنياتهم الذهنية وتمثلاتهم المعرفة.
  • مرحلة المعرفة الواجب تدريسها: هي مرحلة المعرفة المتضمنة في المقررات الدراسية. ورغم أن قواعد السياسة التعليمية العامة تلقي بظلالها على لجن تأليف الكتاب المدرسي، فإن الأمانة تستوجب أن لا نقدم للأساتذة والمتعلمين إلا المعرفة الملائمة.
  • مرحلة المعرفة أثناء ادرس أو المعرفة المتداولة خلال الإنجاز: هي معرفة مستمدة من المعرفة الواجب تدريسها، كما أنها تمتح من التكوين الشخصي للمدرس.
  • مرحلة المعرفة المكتسبة من لدن المتعلمين: تسمى أيضا بالمعرفة النهائية، وتلعب تمثلات المتعلمين دورا محوريا في تحيلها.
ولكي يؤدي النقل الديداكتيكي وظيفته كاملة في التواصل التربوي، ينبغي للأستاذ أن يعرف أن بينه وبين المتعلمين مسافة زمنية ومكانية يجب عليه عبورها.
نقلا عن العربي اسليماني، المعين في التربية

إرسال تعليق

أحدث أقدم