حصار المولى إسماعيل لمدينة سبتة عام 1694

اهتم المولى إسماعيل باسترجاع الثغور المحتلة؛ إذ استرجع المهدية (1092/1681)، وطنجة (1095/1681)، والعرائش (1101/1689)، وأصيلا (1102/1690)، ثم حاصر مدينة سبتة حصارا دام 33 سنة؛ ففي سنة 1106/1694، "أمر المولى إسماعيل عامله الباشا علي بن عبد الله الريفي، والقائد أحمد بن حد بالنهوض لحصار سبتة (...) فتوجها إليها بالجيوش وحاصروها، وأردفهم السلطان بعسكر من عبيده، وأمر قبائل الجبال أن يعينوا حصة من كل قبيلة بالرباط عليها، وأمر أهل فاس أن يوجهوا حصتهم، فكان عدد المرابطين عليها خمسة وعشرون ألفا، والقتال لا ينقطع صباحا ومساء، حتى أتاه أن القواد الذين على حصارها لم ينصحوا في فتحها لئلا يتوجهوا إلى حصار البريجة، ويبعدوا عن أولادهم وبلادهم لما سئموه من السفر ومشقة الحركة إلى أن مات القائد علي بن عبد الله الريفي سنة خمس وعشرين ومائة، وولي ولده القائد أحمد، وبقي محاصرا لها، وفي كل عام تتبدل الغزاة إلى أن مات السلطان". (الحلل البهية 325)

وفي سنة ثلاث وثلاثين من مدة الحصار، خرج النصارى من سبتة بجيوش كثيرة، وأوقعوا بالمسلمين وقعة كبيرة مات فيها خلق كثير، واستولوا على ما كان بيد المسلمين، وكان بها حادث عظيم، وقال بعضهم: خرج النصارى على غفلة من المسلمين فاستولوا على محطتهم، وعلى دار القائد علي بن عبد الله، ونهبوا، وقتلوا، وسبوا، وحازوا شبارات المسلمين وعساتهم، وقصبة أفراق، ورجعوا لسبتة. (الحلل البهية 325)

وفي بعض التقاييد كادوا للمسلمين بخديعة، وذلك أنهم حفروا كمينا وشحنوه بالبارود، ولما اقتحم المسلمون عليهم المدينة أجرجوه فرفع نحو الألف من عبيد البخاري بخيلهم إلى السماء، ثم بعد ذلك وجه السلطان المدد من جميع الأقطار، فاستخلصوا منهم ما كانوا قد استولوا عليه، وردوهم على أعقابهم، وبقي من قتلاهم بأيدي المسلمين نحو ثلاثة آلاف. (الحلل البهية 326)

كان المولى إسماعيل يحارب على ثلاث جبهات؛ حارب الانجليز فاسترجع طنجة، وحارب إسبانيا فاسترجع المهدية، العرائش، وأصيلا، وحاصر سبتة، وحارب الأتراك، بـ"توجهه للمغرب الأوسط سنة إثنتي عشرة ومائة وألف [1700] (...) كان نزوله تحت مازونة، فكانت وقعة جديوية اسم واد هناك بينه وبين الترك، وزحف لوهران، وكانت حينئذ بيد الاصبنيول، ثم ارتحل عنها قائلا: إن هذه أفعى تحت صخرة تضر غيرها ولا يضرها غيرها، بعد أن تأملها وعاين أحكامها ومنعتها من أعلى جبلها المسمى هيدور مع تعصب الأعراب المظاهرين للنصارى وانحيازهم إليها، ومنهم قبيلة مخيس نسبة لمخيس بن عما أخ سويد، وكانت مساكنهم غرب وهران، وقد تلاشوا، واندثروا، واندرسوا، لا لهم قبيل ينجح، ولا كلب ينبح، ولا حلة تذكر، ولا عاقلة تحمل، ولا إغاثة لصريخ، وبشرق وهران أيضا قبيلة العبيد الغرابة، يقال أنها من بقية جيش المولى إسماعيل" (الحلل البهية 295)

إرسال تعليق

أحدث أقدم