الهندسة اللغوية



إن الحديث في موضوع الهندسة اللغوية يتطلب البحث في مجموعة من المراجع؛ منها الميثاق الوطني للتربية والتكوين، والرؤية الاستراتيجية 2015-2030، والقانون الإطار 51.17.
بعد اطلاعي على المراجع المذكورة خلصت إلى الآتي:

أولا: الميثاق الوطني للتربية والتكوين

طرحت الهندسة اللغوية في الميثاق الوطني للتربية والتكوين منذ 1999، وتم التفكير في بلورة تصميم عشري لتنمية تدريس اللغات الأجنبية قبل شهر يونيو 2000، وردت أهم عناصر الهندسة اللغوية في الدعامة التاسعة التي تناولت موضوع "تحسين تدريس اللغة العربية واستعمالها وإتقان اللغات الأجنبية والتفتح على الأمازيغية" على الشكل الآتي:
-إدراج تعليم اللغة الأجنبية الأولى في السنة الثانية من السلك الأول للمدرسة الابتدائية مع التركيز خلال هذه السنة على الاستئناس بالسمع والنطق.
-إدراج تعليم اللغة الأجنبية الثانية ابتداء من السنة الخامسة من المدرسة الابتدائية، مع التركيز خلال هذه السنة على الاستئناس بالسمع والنطق.
-تلقين وحدات أو مجزوءات ثقافية تكنولوجية أو علمية بلغة أجنبية تسمح بالاستعمال الوظيفي للغة في التواصل واكتساب الكفايات.
-إحداث الجامعات دروسا لاستدراك تعلم اللغات بما فيها العربية.
الملاحظ أن الميثاق الوطني للتربية والتكوين قد وضع هندسة لغوية لم يتم لحد الآن تطبيق كافة عناصرها.

ثانيا: الرؤية الاستراتيجية

اقترح المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي هندسة لغوية، وردت في الرافعة الثالثة عشرة التي تناولت موضوع "التمكن من اللغات المدرسة وتنويع لغات التدريس" على الشكل الآتي:
أ-التعليم الأولي:
-استثمار المكتسبات اللغوية والثقافية الأولية للطفل وإدراج اللغة العربية والفرنسية، مع التركيز على التواصل الشفهي.
ب-التعليم الابتدائي:
-إلزامية اللغة العربية بوصفها لغة مدرسة ولغة تدريس جميع المواد.
-إلزامية اللغة الأمازيغية بوصفها لغة مدرسة، مع التركيز على الكفايات التواصلية في السنتين الأولى والثانية، وإدراج الاستعمال الكتابي فيما تبقى من هذا السلك.
-إلزامية اللغة الفرنسية في مستويات هذا السلك كافة، بوصفها لغة مدرسة.
-إدراج اللغة الإنجليزية في السنة الرابعة في أفق نهاية العشر سنوات الجارية، هذا المدى يسمح باستكمال توفير المدرسين والعدة البيداغوجية للازمة لذلك في مستوى الابتدائي.
ج-التعليم الإعدادي:
-إلزامية اللغة العربية بوصفها لغة مدرسة ولغة التدريس الأساسية.
-يتم بالتدرج تعميم تدريس اللغة الأمازيغية.
-إلزامية اللغة الفرنسية بوصفها لغة مدرسة، كما يتم على المدى المتوسط إدراجها لغة لتدريس بعض المضامين أو المجزوءات.
-إلزامية اللغة الإنجليزية بوصفها لغة مدرسة، والشروع في تطبيق هذا الاختيار في المدى القريب، وتعميمه في المدى المتوسط. هذا المدى يسمح باستكمال توفير المدرسين والعدة البيداغوجية اللازمة لذلك.
د-التعليم الثانوي التأهيلي:
-إلزامية اللغة العربية، بوصفها لغة مدرسة ولغة التدريس الأساس.
-تعميم تدريس اللغة الأمازيغية بالتدرج.
-إلزامية اللغة الفرنسية بوصفها لغة مدرسة، كما يتم إدراجها لغة لتدريس بعض المضامين أو المجزوءات في المدى القريب.
-إلزامية اللغة الإنجليزية بوصفها لغة مدرسة، كما يتم إدراجها لغة لتدريس بعض المضامين أوالمجزوءات على المدى المتوسط.
-إحداث شعب متخصصة في اللغات وآدابها وثقافتها وحضارتها.
-إدراج لغة إلزامية ثالثة على سبيل الاختيار، لاسيما اللغة الإسبانية، مع مراعاة الخصوصيات والحاجيات الجهوية من اللغات.
ه-التعليم العالي:
-ضمان تنويع الخيارات اللغوية في المسالك والتخصصات والتكوينات والبحث.
-فتح مسارات لمتابعة الدراسة باللغات: العربية والفرنسية والإنجليزية والإسبانية.
-تشجيع البحث العلمي والتقني بمختلف تخصصاته باللغة الإنجليزية.
-إحداث مسالك تكوينية ووحدات للبحث المتخصص في اللغتين العربية والأمازيغية وفي اللغات الأجنبية.
-إدراج التكوين في كفايات التواصل بالعربية وبالأمازيغية في مؤسسات تكوين الأطر.
-إدراج وحدة مدرسة باللغة العربية في المسالك المدرسة باللغات الأجنبية في التعليم العالي بالنسبة للمغاربة.
و-التكوين المهني:
-إدراج التكوين باللغة الإنجليزية في تخصصات ووحدات التكوين المهني، إلى جانب اللغات المعتمدة في التكوين.
وفي الختام فإن هذه الهندسة اللغوية تظل مفتوحة أمام الإغناءات الوظيفية اللازمة في أثناء تفعيل مقتضيات هذه الهندسة في ضوء التقييمات التي سيتن إنجازها بهذا الصدد.

ثالثا: القانون الإطار 51.17

اكتفى القانون الإطار بالحديث عن مبادئ الهندسة اللغوية وتدابير تنفيذها من خلال المادتين 31 و32. أشار القانون الإطار إلى أن تطبيقات الهندسة اللغوية على صعيد كل مستوى من مستويات المنظومة وعلى الخصوص منها مستويات التعليم الأولي والابتدائي والإعدادي والتأهيلي والتكوين المهني والتعليم العالي، تحدد بموجب نصوص تنظيمية، وبعد استطلاع رأي المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي.
معنى هذا، أن الهندسة اللغوية التي ستعتمد في السنوات المقبلة سيحددها نص تنظيمي، وهذا النص ينبغي أن يطابق الدستور من جهة كأي تنظيمي، وكذلك أن يستطلع في شأنه المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، ونحن نعلم أن هذا المجلس هو الذي اقترح الهندسة اللغوية منذ 2015، وبذلك فإني أرى أن الهندسة اللغوية التي سيتم اعتمادها سوف لن تختلف كثيرا عما اقترحه المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في وثيقة الرؤية الاستراتيجية 2015-2030. 
بقلم: د عبد الخالق كلاب

1 تعليقات

أحدث أقدم