مفهوم البيداغوجيا من خلال معجم علوم التربية

مجموعة من تعاريف البيداغوجيا:
التعريف الأول: حسب التقليد الإغريقي، تشير البيداغوجيا إلى مجموع الخطابات والممارسات التي كانت ترمي إلى تدبير انتقال الطفل من حالة الطبيعة إلى حالة الثقافة، وأن تخلق منه، باختصار، مواطنا صالحا (Resweber,J.P 1988).
التعريف الثاني: لفظ عام ينطبق على كل ما له ارتباط بالعلاقة القائمة بين مدرس وتلميذ بغرض تعليم أو تربية الطفل أو الراشد. وبالانطلاق من مستويات مختلفة يمكن تمييز استعمالين للفظ بيداغوجيا أكثر تحديدا وهما:
- حقل معرفي قوامه تفكير فلسفي وسيكولوجي في غايات وتوجهات الأفعال المطلوب ممارستها، في وضعية التعليم أو التربية، على الطفل أو الراشد أو بواسطتهما. وتندرج ضمن هذا التصور، على سبيل المثال، مبادئ التبسيط، والتدرج، والمنافسة.
- نشاط عملي يتكون من مجموع تصرفات المدرس والمتعلمين داخل القسم. وبهذا يمكن تعريف البيداغوجيا باعتبارها اختيار طريقة ما في التدريس أو إجراءات وتقنيات معينة، وتوظيفها بارتباط مع وضعية تعليمية (Galisson, R. et Coste, D. 1976).
التعريف الثالث: موضوع البيداغوجيا بناء عقيدة تربوية تكون، في الوقت ذاته، نظرية وتطبيقية [...] ليست البيداغوجيا علما أو تقنية أو فلسفة أو فنا، بل إنها، في الوقت نفسه، كل هذه الأشياء منظمة حسب ارتباطات منطقية. وتقدم السوسيولوجيا والسيكولوجيا الأسس العلمية للبيداغوجيا (أوبيرر، ر. 1962).
التعريف الرابع: لا تدرس البيداغوجيا، النظم التربوية، دراسة علمية، بل تفكر فيها بغرض مد النشاط التربوي للمدرس بأفكار موجهة. فالبيداغوجيا (نظرية تطبيقية [...] للتربية تستعير مفاهيمها الأساسية من السيكولوجيا) (Durkheim, E. 1988).
التعريف الخامس: تتكون البيداغوجيا بالمعنى الواسع للفظ، من وسائل تبليغ معلومات تثبت في ذاكرة المتلقي. وتقترح التحليلات السبرنتيكية وسائل جديدة يمكن تلخيص ما هو أساسي فيها كما يلي:
- تتجمع المعارف في تصنيفات وتخزن في الذاكرة أو في وثائق.
- يتم استعمال المعارف بواسطة استدلالات من نمطين: استدلال استنتاجي تماثلي [...] وتقدم السبرنتيكا للبيداغوجيا الفعالية المطلوبة، وكذا وسائل تثبت نجاعتها للزيادة في فعالية الفعل البيداغوجي (Couffignal, L. -in Debesse, et Mialaret, 1969).
التعريف السادس: من الصعب تعريف البيداغوجيا تعريفا جامعا مانعا. يعود ذلك لتعدد دلالاتها الاصطلاحية من جهة، ومن جهة ثانية إلى عدم وضوح الحدود التي تفصلها عن مفاهيم أخرى مجاورة لها مثل التربية والتعليم. ويظهر التداخل بين البيداغوجيا والتربية في صعوبة الفصل بين مجال وطبيعة كل منهما. وقد يكون هذا الأمر هو الذي دفع ببعض الباحثين إلى الحديث عن بيداغوجيا نظرية وأخرى تطبيقية كما هو الشأن لدى (Hubert, R.) في مؤلفه البيداغوجيا العامة. فالبيداغوجيا التطبيقية هي فن للتعليم والتربية قائم على معايرر تجريبية، حيث تلعب تجربة المدرس دورا أساسيا في تعامله مع التلاميذ والمواد الدراسية، أما البيداغوجيا النظرية، فتهدف إلى تحليل التربية ذاتها. ومهما يكن، فإن التمييز بين البيداغوجيا والتربية استند لدى معظم الباحثين على التمييز بين طبيعة أبحاث كل منهما ونوعية مقاربتهما للنشاطات البيداغوجية. فالبيداغوجيا حسب أغلب تعريفاتها بحث نظري أما التربية فممارسة وتطبيق. هذا ما يمكن استخلاصه من تفحص تعريف دوركايم أو من تعريف (Harion, H.) الذي يعتبر البيداغوجيا (علم التربية سواء كانت جسدية أو عقلية أو أخلاقية) ويرى أن عليها أن تستفيد من معطيات حقول علمية أخرى تهتم بالطفل مثل الفيسيولوجيا والسيكولوجيا والتاريخ (Foulquié) الذي يرى أن البيداغوجيا، أو علم التربية، ذات بعد نظري (تهدف إلى تحقيق تراكم معرفي أي تجميع الحقائق حول المناهج والتقنيات والظزاهر التربوية) أما التربية، فتحدد (على المستوى التطبيقي لأنها تهتم قبل كل شيء بالنشاط العملي الذي يهدف إلى تنشئة الأطفال وتكوينهم)، (الدريج، م. 1990). ويقترح (Mialaret, G. 1979) في معجمه تصنيفا يميز فيه بين البيداغوجيا في بعدها النظري والبيداغوجيا وفي بعدها التطبيقي. إذ تتعلق الأولى بمجموع التأملات النظرية التي تستنير باعتبارها جملة أفعال ونشاطات تعليمية تطبيقية.
معجم علوم التربية

إرسال تعليق

أحدث أقدم