الامازيغية وفقه المشرقين

 في كثير من الاحيان عندما اتناقش مع احد المستلبين من ضعاف الثقافة الدينية  حول تاريخ المغرب و هويته الامازيغية و ضرورة الحفاظ عليها  و النهوض بها لانها الاصل و الام و التاريخ و هي  ثرات و فكر متجانس في كل ابعاده الثقافية و الاجتماعية  اعطت للمغرب قوة و سمعة بين امم الارض في الماضي و خلفت لنا اليوم تاريخا مجيدا و مدنا كبرى نفتخر بها  ،  فان اول ما يخطر  بباله  هو استعمال الدين كوسيلة للهروب للامام فتراه في كثير من  الحالات يجيبك باجوبة مثل أن النبيء ص عربي و ان لغة القرآن هي العربية و ان العرب قوم شرفاء لانهم قوم النبيء صلى الله عليه و سلم  و لهذا فانه فخر الانتماء للعروبة .

و هنا اود ان اوضح لهؤلاء الناس الذين يغلب عليهم ضعف ثقافتهم الدينية  ان استعمال الدين في مآرب دنيوية مصلحاتية قومية محرم فهو كمن يشتري بآيات الله ثمنا قليلا اي انه يستعمل الدين  من اجل التدليس و اعلاء ميوله القومي للعروبة في حالتنا هذه و هذا من متاع الدنيا . 
فهناك الكثير من الايات التي تحذر من  التجارة بالدين . قال تعالى :  "و لا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا "
 
و لنبدأ ب : 
 * القول ان النبيء عربي .
 نعم النبيء صلى الله عليه و سلم  عربي  و لكن  الانبياء و الرسل لا تؤخذ بقوميتها و انما بما جاءت به اي ما هو مضمون الرسالة و الوحي المنزل اليهم  من الله تعالى فهذا هو ما يهم الناس بمعنى طرحك لسؤال  بماذا يامرنا الله و ماذا ينهانا عنه ؟ 
فلقد كان الصحابة يكثرون من سؤال النبيء صلى الله عليه و سلم حول امور الدين لفهمه و فهم بعثة النبيء صلى الله عليه و سلم  يعني انهم يبحثون عن مضمون الرسالة .
 ولقد حدث ان تجاحد اهل الكتاب من اليهود و النصارى يوما على قومية سيدنا ابراهيم اهو نصراني ام يهودي  فرد الله عليهم ان سيدنا ابراهيم ليس يهوديا و لا نصرانيا و لكنه مسلم حنيف موحد لله و لم يكن من المشركين . قال الله تعالى في سورة ال عمران  :" ما كان ابراهيم يهوديا و لا نصرانيا و لكن كان حنيفا مسلما و لم يكن من المشركين" . 
و لهذا  فان الذين يتحججون بقومية النبيء صلى الله عليه و سلم  قد  سبقهم الى هذا النهج اهل الكتاب فأنكر الله عليهم ذلك بوصفه لسيدنا براهيم بالمسلم الحنيف الموحد لله فقط لا ينتمي للنصرانية و لا اليهودية .
  و نحن  كمسلمين على هدي كتاب الله  نعتبر نبينا صلى الله عليه و سلم  مسلما حنيف لله موحدا  لا عربي و لا عجمي كما اكده عليه الصلاة و السلام في حديثه الشهير انه لا فرق بين عربي و عجمي الا بالتقوى . 
و بالتالي  فالتحجج بقومية النبيء صلى الله عليه و سلم  لاعلاء قوميته على باقي قوميات المسلمين   هو تجارة في الدين و منهج اهل الكتاب و هو مذموم لانه في الاسلام لا تهم قوميتك .

* القول ان الانتماء للعروبة شرف ديني بداعي ان النبيء صلى الله عليه و سلم  من قومية العرب . 

من جديد  اهل الكتاب سبقوا الى اتباع  هذا النهج فوصفوا انفسهم بابناء الله و احباءه قال تعالى  :  " و قالت اليهود و النصارى نحن ابناء الله و احباءه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل انتم بشر ممن خلق  يغفر لمن يشاء و يعذب من يشاء و لله ملك السموات و الارض و اليه المصير "  .
و إدعوا كذلك  انه لن يدخل الجنة الا من كان هودا او نصرى فتحداهم الله تعالى في قوله : "و قالوا لن يدخل الجنة الا من كان هودا او نصرى تلك امانيهم قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين ."  
يعني ان تقديس  اليهود و النصارى لانفسهم و تشريفهم لها  بداعي ان الانبياء من قومياتهم  انكره الله عليهم و تحداهم ان ياتوا بدلاءل على ما يقولون 
و لهذا نحذر المستلبين من  ان هذا النهج في تقديس قومية المشرق  هو نفسه منهج اهل الكتاب و ان الله لا ينظر الى قومية الانسان  بل الى تقواه و اعماله و افعاله و ما خفي بصدره . 

* القول ان العربية لغة القرآن .
نعم  صحيح لسان القرآن لسان عربي و هذا طبيعي فالرسول صلى الله عليهم و سلم  لسانه عربي قال الله  تعالى :   "و ما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء و يهدي من يشاء و هو العزيز الحكيم " . 
فلقد ارسل الله عشرات الرسل بألسن مختلفة منهم من قص ذكره في القرآن و منهم من لم يذكر و لا نعرفه و كلهم من عباد الله المخلصين .
 و لهذا اجتهد العجم في تعلم العربية و تطويرها كحال العالم الفارسي سيبويه واضع النحو لها و ذلك لاجل فهم رسالة و مضمون آيات  القرآن الكريم . 
ففي الاية هناك فعل " ليبين لهم " بمعنى لفهم مضمون الرسالة و ما تحمله و اسهل طريقة للفهم هو بلسانهم الذي يفهمونه .
فاللغة وسيلة تواصل و نقل لمضمون رسالة معينة فالأولى بالتقديس هو مضمون الرسالة و ليس وسيلة نقلها .
فالعربية لسان كباقي ألسن امم الارض و اختلاف الالسن  آية من آيات الله في الخلق . 
قال تعالى : .... و اختلاف السنتكم و الوانكم ان في ذلك لآيات للعالمين " .  
و من ينكر آيات الله  فهو جاحد جاهل . 
 كما ان البعض يدعي ان اللغة العربية هي لغة الجنة و لغة يوم القيامة و لغة آدم و غيرها من الامور الغيبية التي لا يعلمها الا الله  و هذا من الامور المستحدثة التي لا تنفع المسلم في عقيدته  و قد تدخل في خانة وعيد النبيء ص لكل من كذب عليه بمقعد في النار . 
ثم ان كل العجم المسلمين تتعلم ما يكفيها من اللغة العربية لاجل القيام بشعاءرها الدينية و قراءة القرآن و ليس لتنتمي للعروبة كما يصور البعض ممن يسمون  كل من يتقن اللغة  العربية  انه عربي الهوية  . 
فحذاري ثم حذاري ايها المستلب من التجارة بالدين و نشر البدع و الاكاذيب في سبيل متاع زاءل يعزز ميولا واهيا في داخله .
 فالله سبحانه و تعالى خلق الاختلاف و جعلنا امما  و شعوبا و قباءل لنتعارف و نتبادل المصالح و المنافع بيننا فهذا الاختلاف آية من ايات الله في البشر و حكمة ارادها الله ان تكون فهي موجودة في الواقع و ستبقى ما بقيت الارض و السماوات .
و الخلاصة هو ان الامة الاسلامية امة متعددة القوميات منها  العربية و الامازيغية  و التركية  و الفرس و غيرهم  و تختلف السنتها و تقاليدها و تاريخها و عاداتها و بلدانها  و لكنها تجتمع على توحيد الله بالعبادة  و ليس على العروبة التي استحدثت منذ القرن الماضي  فاصبحنا نسمع مصطلحات مثل الامة العربية و الوطن العربي و غيرها من المصطلحات التي لا تعكس هوية الشعوب الحقيقية و تاريخها  و لغاتها و عاداتها و تقاليدها و اختلافها عن بعضها في جوانب كثيرة .


إرسال تعليق

أحدث أقدم