مفهوم الحق وأنواعه

مفهوم الحق
يتضمن مفهوم الحق في اللغة العربية (انظر لسان العرب لابن منظور) دلالات عديدة تتأرجح بين الصدق، والثبات، والوجوب، واليقين، والحقيقة، والاختصام، والتفاهم. ويبرز هذا التعدد الدلالي في اللغات الأخرى. وفي فكرها. في هذا الإطار، اعتبر أندري لالاند في معجمه الفلسفي والتقني، بأن مفهوم الحق يقترن بفكرتين أساسيتين وهما:
  • أن الحق هو ما يكون مطابقا لقاعدة محددة، وبالتالي، فإن إقراره يعتبر مشروعا، مثل قولنا: لكل المواطنين الحق في اللجوء إلى القانون.
  • أن الحق هو ما يكون مسموحا به، وقائما على الحرية. ومن هنا ركزت مختلف الإعلانات عن حقوق الإنسان، على الحق في الأمن، والملكية الخاصة، والمساواة، ومقاومة الظلم، والقهر.
ويمكننا التمييز في ضوء ذلك، بين ثلاثة أشكال للحق، وهي:
  • الحق الطبيعي، الناتج عن طبيعة البشر، والعلاقات القائمة فيما بينهم باستقلال عن كل تشريع (مثل الحق في الحياة).
  • الحق الوضعي، الناتج عن القوانين المكتوبة، أو الأعراف التي اكتست صبغة القانون، مثل الحق المدني، والحق الروماني.
  • حق الناس الذي تأسس على مبدإ المساواة، وتم تطبيقه في البداية على الأجانب الخاضعين للقانون الروماني، واتسع في العصور الحديثة ليشمل العلاقات بين الدول، وأيضا العلاقات بين المواطنين.
ومعلوم أن الإعلانات الحديثة، والمعاصرة عن حقوق الإنسان، والمواطن، انبثقت من النظريات الفلسفية حول الحقوق الطبيعية، والمدنية. وهي النظريات التي تبلورت على يد كل من اسبينوزا، وهوبز، ولوك، وروسو في إطار ما يعرف بنظرية الحق الطبيعي، وتطورت على يد فلاسفة بارزين، مذكر من بينهم: كانط وفيخته وهيجل. وقد سمحت معالجة مسألة الحق (الطبيعي والمدني) بإثارة قضايا تتعلق بالحرية، والسلطة، والعنف، والديمقراطية، والمواطنة، والتسامح، والعدالة، والإنصاف، وهي القضايا التي شكلت اهتمام الفلسفة السياسية المعاصرة.
وقد أكد الباحثون في مجال الفلسفة السياسية على تطور منظور الحقوق، بفعل التحولات الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، والثقافية التي عرفتها مختلف بلدان العالم. هكذا لم يعد الأمر مقتصرا على الحقوق المدنية، والسياسية، بل تعداه إلى الحديث عن الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، مثل الحق في الشغل، والتعليم، وحق الإضراب، وعن الحقوق البيئية، وحقوق الأقليات، والحق في الاختلاف.

إرسال تعليق

أحدث أقدم